محطات عديدة ومنوعة من تجارب الحياة، تلقي بظلالها من أطياف السعادة والحزن وتفاصيل كثيرة من المشاعر والعواطف، نقف عند بعضها بأمل وفرح، فيما تختلط لحظات الفقدان والحسرة مع فواصل الوداع، ومع ذلك تستمر الحياة ولا تقف عند أي من تلك المحطات.
نجاح وإخفاق، صعود وهبوط، توفيق وخيبة، ومجموعة من ما تفرضه الظروف وطبيعة التحديات والواقع مع رحلة الحياة ومع مشوار يستمر وتتواصل معه العزيمة؛ لا ترتبط بأحد ولكنها شاهدة على انجاز الجميع وتطلعهم وحلمهم بالهدوء والسعادة وراحة البال بفضل الله ومنته على البشر.
مهما تعرضنا من صعاب، إلا أن كل ذلك وتفاصيله سوف تعد لاحقا ذكريات، نتداولها ونتندر عليها، ولا نعرف كيف مرت وألحقته من اضرار ومشاكل وآثار نفسية واجتماعية واقتصادية وسياسية على حد سواء.
من عالم النبات وأشجار الفاكهة، أمثلة عديدة وجميلة من استمرار الحياة بعد سبات وسكون خلال فصل الشتاء والتحول من ثم في فصل الربيع والصيف إلى مراحل من النمو والأزهار وتكوين الثمر والنضج والجمال الخلاب من اللون والطعم والرائحة وتلك مظاهر تجلب السرور والبهجة للنفوس، وتحتاج لوقفات مع مشوار النمو من برعم إلى ثمرة ومشوار الانتظار من موسم إلى آخر ومن فترة الزراعة وحتى موعد القطاف والتمتع بما لذ وطاب.
عالم السياسة يحمل في طياته الكثير من الأمثلة لبدايات ونتائج ونهايات للكثير من المراحل والمنعطفات، ومع ذلك استمرت الحياة ولم تنقطع سوى لفترات من الأحداث والتوترات ومن ثم عادت الأمور ليس لطبيعتها السابقة ولكن لنمط جديد ومختلف عما مضى.
جميع ما تعرضنا له من تحديات وفي مجالات الحياة كافة، كان الوقت كفيلاً بمعالجته وتنقية الحوادث والأزمات وبشكل قياسي من الشوائب والآثار والنتائج والأضرار، وكافيا للنظر بروح التفاؤل والرجاء إلى المستقبل والأجيال القادمة وأن الحياة سوف تستمر بما نقدمه من عطاء وتضحية وعمل، يطيب بحسن النية وسلامتها من الرياء والنفاق والحسد والغيرة وحب الذات.
استمرار تدفق الحياة، عنوان لمعنى وفلسفة ورسالة الإنسان لإعمار الكون، ليس بالثروة فقط، ولكن بما يساهم به من بذل وجهد ومحاولة بتوفيق وإيمان وبما يرضي الله والضمير وترك أثر بعد الرحيل إلى دار الحق، ولهذا لا يشكل الموت النهاية، به هو عبور إلى معالم درب في عالم أبدي وبداية في الآخرة.
سوف تستمر الحياة بالترفع عن الكثير من الأمور السطحية والتي لا تصل إلى نتيجة سليمة وقرار رشيد وأسلوب مميز وعمق قادر على مواجهة الصعاب بحكمة وروية وانسجام وتصالح مع النفس والتألق في عالم الإبداع العلمي والأدبي والتفكير في مضمون الحياة بنظرة فاحصة.
الدخول إلى الحياة العملية بعد الدراسة والتخرج والاستعداد لمرحلة من مراحل إثبات الذات، هي بطاقة من مؤشرات استمرار الحياة ودوام نبض العطاء من جيل إلى جيل ومن عقد إلى عقد، تختلط مشاعر الفرح بمخاوف العمل، وأسباب النجاح، ولكن الأفواج الشابة سوف تخوض غمار التجربة بما تفرضه ظروف الحياة القادمة من تحديات وفرص، تلك هي مقومات المستقبل لا محالة.
خلاصة ما نصبو إليه ونبحث عنه، هو ترك أثر طيب وبصمة واضحة لمن سيأتي من بعدنا من جيل الشباب والقادر على تحمل الظروف بصبر وعلم ومعرفة وأخلاق، ولا يضيرهم أبدا فئة منهم تحتاج للكثير حتى تصل إلى ما تريد؛ نهاية المطاف سوف تستمر الحياة ولن تتوقف أبدا حتى موعد الحق المبين.